الهجرة السرية

اذا كانت الهجرة بمفهومها الواسع هي حركة سكانية بحيت يتم فيها تنقل الفرد او الجماعة من موطن سواء كان موطنه الاصلي او العكس الى موطن اخر يختاره بنفسه وفق ما تمليه عليه ظروفه الخاصة . فإن الهجرة تنقسم الى قسمين هجرة داخلية و تنقسم بدورها الى هجرة من المدينة الى البادية والعكس صحيح وهجرة خارجية اي من دولة الى اخرى ، والهجرة الخارجية بدورها تنقسم الى قسمين الهجرة القانونية او المنظمة بموجب قوانين معدة لهذا الغرض وهجرة غير قانونية او ما يطلق عليها بالهجرة غير الشرعية وهذا هو الموضوع الذي اود التطرق اليه ولو بشكل مختصر مع العلم انه موضوع شائك  ويحتاج الى اكثر من وقفة.
لقد عرفت الامم المتحدة الهجرة على انها حركة السكان من منطقة جغرافية الى منطقة جغرافية اخرى بغرض الاقامة . ومن خلال هذا التعريف يمكن ان نستنتج ان الهجرة بصفة عامة حسب تعريف الامم المتحدة ينبني على عنصرين اساسيين وهما عملية عبور الحدود وكذالك بغرض الاقامة لكن هل يمكن ان نعتبر ان  الهجرة السرية هي  كذالك  تهدف الى الاستيطان او الاقامة في بلد ما وهذا يمر بالضرورة عن طريق عبور الحدود . طبعا لا يمكن لان هذا التعريف وان لم يتطرق الى مسألة الشرعية فإنه لا يمكن ان نعتبر الحالتين متساويتين لان الهجرة السرية تخرق القوانين والاعراف الدولية وهذا له مسبباته وعوامله الخاصة
مفهوم الهجرة السرية
ان الهجرة السرية هي مفهوم سوسيولوجي صرف له تقله في المشهد الفكري والثقافي المغربي على سبيل المثال والهجرة السرية هي تدل على ان المهاجر لم يمر عبر القنوات المخصصة للهجرة ولم يحترم القوانين المنظمة لها وكلمة سرية تدل على ان الشخص قام بهذا الفعل في غفلة من القانون ومن المسؤولين وهي تعكس الى حد ما اهمية الهجرة في حياة الانسان بإعتبارها حق لا يمكن الاستغناء عنه . والهجرة عموما هي مفهوم قديم ارتبط بعدة عوامل منها السياسية والدينية والاقتصادية والاجتماعية ظهرت  منذ قرون خلت ونذكر هنا هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة المنورة ، وكذالك هجرة القبائل بحثا عن الامن والاستقرار وخاصة اثناء الحروب الا ان الهجرة السرية على العكس من ذالك لم تظهر الى حديثا وخاصة بعد ان ظهر اسم الدولة بمفهومها الحالي وفرض التأشرة على كل من يعبر حدودها او يدخل مجالها الترابي كما رافق ذالك قوانين صارمة ومعقدة خاصة بالهجرة مما ساعد على بروز ما يسمى اليوم بالهجرة السرية .
اسباب الهجرة السرية
لا احد يجادل اليوم في كون الهجرة السرية اصبحت ظاهرة عالمية وناتجة عن مجموعة من الاسباب فكما سبق القول ان تكون الدولة الحديثة واكتمال مفهمومها ادى الى فرض ما يسمى بالتأشرة لدخول اراضيها وهذا ما اعطى انطباعا سيئ لدى مجموعة من الراغبين في الهجرة مما جعلهم يطبقون مقولة كل ممنوع مرغوب فيه . واسباب الهجرة السرية عديدة ومتنوعة وسنتطرق الى البعض منها .
1 فرض التأشرة على الراغبين في الهجرة : ان فرض التأشرة على الاشخاص الراغبين في الهجرة سواء من اجل العمل او الاقامة او ما شبه ذالك فتح الباب على مسراعيه وادى الى ظهور افة الهجرة السرية بالنظر الى ان الحصول على التأشرة ربما اصعب بكثير من المغامرة عن طريق ركوب البحر ومواجهة المصير المجهول  لكن هناك من يتسائل هل فرض التأشرة يعد السبب الاولى والرئيسي في ذالك . طبعا لا هناك اسباب اخرى واهمها البطالة .
2 البطالة : فحسب ما يقشاع او يقال ان " حيث ما كانت الكرامة فذاك هو الوطن " هذه العبارة تبرز بوضوح ارتباط الهجرة والهجرة السرية على الخصوص بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية وتأتي نتيجة ظروف يستحيل معها العيش في مجال جغرافي معين ربما الجفاف او الفقر او الحروب او انعدام فرص الشغل والعيش الكريم كل هذه المعطيات توحي الى انه لا مفر من تقبل الامر الواقع والمغامرة من اجل حياة افضل مما هي عليه الان كما انه يمكن اقحام التدهور الامني كمعطى اساسي وسبب مباشر يدفع الى الهجرة الى جانب التدهور الاقتصادي . وبطبيعة الحال لا يمكن اعتبار البطالة سبب وحيدا بل هناك مجموعة من الاسباب منها  الاعلام  كذالك.
3 الاعلام : قد لا يتفق معي البعض حول الدور الذي يلعبه الاعلام والتأثير المباشر له على الحياة العامة للمواطنين ولكن يمكن ان يساهم بدوره في خلخلت وزعزعت العقيدة والايمان الراسخ بكون الارزاق بيد الله واينما كنت فلن تأخذ الا ما كتبه الله لك . فالاعلام يطل علينا يوما بالعديد من المقالات يبرز فيه الجانب الايجابي للدول المتقدمة وما ينعم به المواطن هناك من احترام لحقوقه وكرامته ، هذا بدوره يولد شعور باليأس وضياع الحقوق داخل هذه الدولة وبالتالي يضطر الى الهجرة السرية اذا ما اخذنا بعين الاعتبار صعوبة الحصول على عقد عمل هناك . فالاعلام بدوره يساهم في تفشي هذه الظاهرة عن طريق رسم احلام وردية ويصور لنا انه ما وراء الضفة هناك جنة تختلف عن ما هو موجود عندنا.
وهناك اسباب اخرى لا يسع المجال لذكرها وسنكتفي بما سبق على ان نبرز في الفقرة الموالية بعض الحلول المقترحة للتخفيف من هذه الظاهرة الخطيرة والتي تلقي بالكثير من الاشخاص في عرض البحر فيصبحون في خبر كان.
بعض الحلول المقترحة للتخفيف من الظاهرة.
وبالرغم من اعتبار ان حرية التنقل هي جزء من حقوق الانسان الى ان هذا الحق يمكن ان يمارس داخل الدولة الواحدة مع امكانية تقنين ما دون ذالك ، وللتخفيف من هذه الظاهرة يمكن تخصيص نسبة معينة من عقود العمل تخصص للدول المصدرة للمهاجرين السريين وهي بطبعة الحال دول فقيرة وكذالك مساعدة هذه الدول على تحسين اقتصادها وتحسين مستوى التعليم وكذالك خلق فرص شغل دائمة ومقاولات وطنية بمعنى الكلمة تحترم حقوق المستخدمين وتوفير اجور كافية للعيش بكرامة كما ان الدور الذي يمكن ان يلعبه الاعلام او السينما عن طريق تصوير بعض النمادج الذين وصلوا الى الضفة الاخرى او الجنة المفقودة ويبين لنا ظروف عيشهم وكيف يعيشون وهل تغيرت حياتهم حقا وماهي المشاكل التي يعانون منها . كما انه يجب ان يتدخل جميع الفاعلين الاقتصادين (الدولة والخواص ) من اجل خلق مناخ مواتي للظروف التي يجب ان تتوفر والتي يساعد السباب في المكوث في اوطانهم وعم المغامرة بأرواحهم من اجل تحقيق حلم يجهلون عنه كل شيئ .